أحمد حمزة الأهدل مشرف ملتقى الشعر والنثر والخواطر
رقم العضويه : 13 عدد المساهمات : 77 نقاط : 53366 تاريخ التسجيل : 03/05/2010 بلد الإقامه : جنسيتي : جنسي : مزاجي : هوايتي : مهنتي : MMS :
| موضوع: عن فيروز.. التي رأيتها في المنام الجمعة يوليو 16, 2010 8:38 am | |
|
عن فيروز .. الـــتي رأيتها في المنامأحمد الأهدل صحيفة الثورة (اليمن)، العدد (16669) الجمعة 20 رجب 1431هـ/ الموافق 2 يوليو 2010م، صفحة رقم (17) أدب وثقافة رأيت فيما يرى النائم.. أن السيدة فيروز جاءت إلى مدينة صنعاء.. جاءت في موكب مهيب.. كان الموكب يتألف من عربات كثيرة مزينة تجرها خيول دهمٌ... كانت عربتها في مقدمة الموكب...الناس من كل مكان جاءوا لاستقبالها..وأنا واحد منهم... كانت تلبس ملابس بيضاء تغطي كامل جسمها.. ما عدا وجهها.لمحتني من بعيد...لم تفارقني نظراتها حتى الآن...كانت تلوح بيدها لي... لي أنا فقط من دون كل الناس..وكلما اقتربت مني.. زادت ابتسامتها..على وجهها المقمر..وكأنها تقول لي: كم أحبك يا بني..نهضت من النوم.. و يدها ما زالت تلوح لي..قررت في نفسي أن أكتب عنها شيئاً... شيئاً يليق بمقامها الكبير..رغم أني أعرف أن القلم سيخذلني.. . سيخذلني بالذات لأنني أفكر في فيروز.. فيروز الصوت الذي صاحب طفولتي.. وعشت فيه شبابي.. وامتلأت به ذاكرتي.. وصار جزءاً من حياتي اليومية..**** كثيراً ما تعلقت بلبنان.. وكل ارتحالاتي إليها كانت على صوت فيروز.. صوتها العذب الهادر.. يحملني دائماً إلى جبالها الشماء ووديانها.. أيضاً إلى جراحاتها الممهورة بمؤامرات لا تنتهي على هذا البلد الجميل... أغني معها: (بحبك يا لبنان).. وأغني معها: (الله الله يا تراب عنتورة) فتأبى فيروز الموزعة على كل تراب الإنسانية إلا أن تغسلني معها بدمعة وطن مأسور.. فأغني معها:(لأجلك يا مدينة الصلاة أصليلأجلك يا بهية المساكنيا زهرة المدائنيا قدس.. يا قدس.. يا مدينة الصلاة.. أصلي)زهرة المدائن... عندما أسمع هذه الأغنية من ذلك الصوت الفيروزي الشجي.. يغلبني البكاء.. كم مرة بكيت بسبب هذه الأغنية... التي تضعني وجهاً لوجه أمام العدوان الصهيوني وآثاره...وتضعني وجهاً لوجه مع حالة الصمت المطبق التي نحياها الآن خوفاً من الاغتيال أو الإقصاء.. في زمن التواري والانتكاسات العربية المتوالية.**** صوت فيروز يظل بالنسبة لي –وبالنسبة لكل الناس طبعاً- الصوت الأجمل في كل العالم، من دون استثناء، فلا أحد لم يسمع فيروز –حتى الذين لم يسمعوها أشعر دائماً أنهم سمعوها- ولا أحد غير سعيد أنها تعيش بيننا اليوم، أنشودة جميلة.. مجرد وجودها فقط وإحساسنا أنها تعيش معنا يخفف عنا وطأة زمن الفن الرديء الذي لا نسمع فيه غير هلاوس غنائية تخترق مسامعنا من دون استئذان، لتشوش على كل جماليات الغناء، وكل الجماليات الفنية التي نحب أن تكون في حياتنا..إنها بكل بساطة وبكل عظمة أيضاً فيروز... قيثارة الشرق.... جارة القمر... هدية الفن وتحفة الإبداع لكل الإنسانية.. الإنسانية المعذبة بأغلال استعباد واستغلال الإنسان لأخيه الإنسان... أقصد الاستغلال الاستعماري.. والاستغلال العنصري.. والعولمة المتعجرفة.. بهذه المعاني أنظر إلى فيروز بوصفها سيدة النضال وفنانة الحركة التحررية الوطنية العالمية بمقدار ما هي الأيقونة الأهم للعاشقين الهائمين بمشاعر الجمال الإنساني.. إنها ملهمة العشاق.. وباعثة الإبداع في نفوس المبدعين..**** ما أشهى الحديث عن فيروز... إن القلم مهما تكن رداءته وصدأه ليعجز عن مقاربة هذه القامة.. بل هذه القيمة الإبداعية الكبيرة...مع أنه –وهذا ما أشعر به-يصير فيروزيّ الحروف بمجرد أن يخط اسمها... لكأنه أيضاً يصيبه سحر هذه المنشدة المسحورة التي هي أكثر كثيراً من مطربة, وأكثر إيغالاً في نفوسنا من أسطورة.**** مرة أخرى سأتذكر فيروز التي أسعدت حلمي... وسأمزجه بصورتها التي طالما أحببتها وشغفت بها.. إذ دائماً ما كان صوت فيروز ووجها عندي رديفان لا ينفصلان.. إنه وجه غريب الجمال, تبرز منه عينان سوداوان كبيرتان, عميقتا الغور, حادتا النظر, شديدتا التأثير, على شَعر خرنوبي مسدول, يخفي جزءاً من بشرتها ويظهر جزءاً آخر, وكأنه وجه كوكب دريّ يسبح في الفضاء, تدهمه غيمة داكنة في ليلة خريفيّة... هي طيف أكثر مما هي جسد... هي نفسها لم تعد تعرف من هي... ولكننا كلنا نعرف أنها فيروز...وجه الملاك وصوته.**** لم أزر البحر مرة إلا وأحسست بمجرد أن يقع عليه نظري بصوت فيروز يطرق مسامعي متمازجاً بهدير أمواجه...لم أمعن النظر في صورة لفيروز إلا وأدركت أن السماء تغار.. فتغيم وتمطر ..قطرات المطر تنزل مشتاقة لمياه البحر... وفي الموج يتعانقان.. ينسجمان سويا.. ثم يبدأن طقوس الرقص على صوت فيروز (صوت الروح ) وهي تغني: (شايف البحر شو كبير.. كبر البحر بحبك.. شايف السما شو بعيدة.. بعد السما بحبك)..**** كلما عدت إلى مدينتي العتيقة المتحاضنة بكثبان الرمل وخُمْرة الليل والتماعات النجوم أهلت فيروز أغنية لا تُنسى أبداً, تلك الخبوت الصحراوية تجعلها أصغر.. وذلك القمر الشاهق البعيد تجعله أقرب وأكبر.كلما انقطعت أخبار فيروز.. وانقطعت حفلاتها شعرت بالهلع -رغم أنني فاقد تماماً للأمل في أن أحضر يوماً حفلة لها-ومع ذلك فإنني أتهلل فرحاً كلما سمعت عن حفلة لها.. لكأنها الشمس الضرورية دائماً لوجودي.. لنمو المشاعر الدافئة في روحي.. لإحساسي بأن الدنيا لا تزال بخير.. لأن صوت فيروز يعبر عن كل حالات الوجود الإنساني.. المتصارعة، المحبة، المحاربة، الناقمة، الممتلئة بالألم والأمل..المسألة تتعداني شخصياً بكل تأكيد.. والقارئ يعرف ذلك.. فقط أنا هنا أستغل الرؤيا المنامية الجميلة التي أهدتها لي فيروز لأتحدث عن شخصي المغمور.. معتبراً هذا الحديث عن نفسي استحقاقاً لها وتكريماً لها أيضاً بمناسبة رؤيتي لفيروز في المنام.. أما الحقيقة فهي أن صوت فيروز هو روح زمننا ونبضه.. هو بامتياز روح مكاننا أيضاً.. ولن يبدو ذلك واضحاً إلا حين نضعه على خلفية كل ما ينتج فنياً من حولنا وعلى امتداد العالم العربي.كم علاقة حب على هذه الأرض كانت تقف على أبواب خراب... فجاء صوت فيروز وأصلحها وأعاد لها روحها.كم علاقة حب لم يكن مقدرا لها أن لا تصير أو تحدث لو لم يأت صوت فيروز ويمنحها ما تحتاجه من كيمياء وسقاية مشاعر ودوافع تكاد وأنت تسمع فيروز وهي تغني للأرض للجبل للمراعي والمروج.. للحصادين.. للمياه.. للأشجار.. لكل شيء في الطبيعة.. وكأنها تغني لك أنت لكل ما يربطك بالأرض والناس والحياة من حولك.. خاصة الريف اليمني.. بجباله.. بمراعيه.. بمروجه الخضراء.. الذي يبدو لي دائماً مناسباً جداً لكلمات وألحان أغاني فيروز:بحياة عينك يا ورد نيسان زهر على شباكن العشقانو ان كان بدن يسألوا عنا جيران قلن بعدنا جيران بتشوف بكرا بتشوف شو دارنا حلوي عا مطل أخضر مكشوف و الشمس بتضوي فراشات بتجينا رفوف و طيور تقصدنا ضيوف وغصون ترقص و تغني بتشوف بكرا بتشوف وأنت تطل و انقلك أهلا و هيك تغل نسمي على مهلا و عيونا ترف و تحكي و قلوبنا تبوح و تشكي و مروج بالحب تطوف بتشوف بكرا بتشوف فوق شو هم منعيش بجنة و شوق يلم نهدات و يغني وعباب خضره محنيه عقباب متل العلية **** أنا سعيد أني رأيت فيروز في المنام.. إذ لا أمل في رؤيتها هنا –في اليمن- من جهتين: الأولى: أن هذا التفكير غائب تماماً عن ساسة ومسئولي اليمن...الثانية: أن القطاع الخاص عندنا لا يولي الاستثمار في الفن والإبداع أي عناية.. ناهيك عن كون الجميع هنا يتفقون أن مجرد كوننا ما زلنا قادرين على العيش وعلى قطع سنوات العمر كيفما اتفق، فهذا يكفينا.. أما التفكير في المسرح والسينما والمهرجانات والمعارض الفنية فهذا كثير.. كثير علينا.. بل إننا لا نستحقه في نظرهم.. أما التفكير أو الحلم لإقامة حفلة لفيروز في اليمن فقد تكون عواقبه وخيمة.. ولكن هل أستطيع أن أحلم بأن تقرأ فيروز مقالتي هذه؟ سؤال مطروح لسفير لبنان في صنعاء.. لعله يوصل هذا العدد من صحيفة الثورة إلى فيروز يوماً ما.. لتقرأ هذه المقالة.. وأرجو ألاّ يخيب أملي. | |
|
إبراهيم الشرقي المدير العام مؤسس الموقع
رقم العضويه : 1 عدد المساهمات : 2060 نقاط : 57530 تاريخ التسجيل : 11/02/2010 بلد الإقامه : جنسيتي : جنسي : مزاجي : هوايتي : مهنتي : حكمة : إبتسم ,, فالوجوه البائسه لا تصلح الا للشحاته MMS :
| موضوع: رد: عن فيروز.. التي رأيتها في المنام الجمعة يوليو 16, 2010 5:47 pm | |
| عزيزي احمد الاهدل
لقد ابدعت في فن الكتابة
لي عدة وعدة عودات لقراءة هذا الموضوع الشيق
احترامي | |
|
عبد القادر الشرقي
المستشار الإداري
رقم العضويه : 2 عدد المساهمات : 358 نقاط : 54339 تاريخ التسجيل : 20/02/2010 بلد الإقامه : جنسيتي : جنسي : مزاجي : هوايتي : مهنتي : العمر : 41 حكمة : إذا الشعب يوماً أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر MMS :
| موضوع: رد: عن فيروز.. التي رأيتها في المنام السبت يوليو 24, 2010 1:54 am | |
| أنت رائع بكل ما تعنيه الكلمة تحياتي | |
|