كان الرسول صلى الله عليه وسلم يسكت بين التكبير وبين القراءة إسكاتة - قال أحسبه قال هنية - فقلت : بأبي وأمي يا رسول الله ، إسكاتك بين التكبير والقراءة ، ما تقول ؟ قال : أقول : ((اللهم باعد بيني وبين خطاياي ، كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقّني من الخطايا كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدّنَس ، اللهم اغسل خطاياي بالماء والثلج والبرد )).
الراوي: أبو هريرة . المحدث: البخاري.
كان رسول الله_ صلّى الله عليه وسلّم _ إذا استفتح صلاته قال: ((سبحانك اللّهمّ و بحمدك, وتبارك اسمك ,وتعالى جدك ولا إله غيرك)).
الراوي: عائشة _ رضي الله عنها_.خلاصة حكم المحدث: صحيح
((اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق و المغرب , اللهم نقّني من خطاياي كما يُنقى الثوب الأبيض من الدنس, اللهم اغسلني من خطاياي بالماء و الثلج والبرد)).
الشّرح:
اللّهُمّ باعِدْ بيني وبين خطاياي :
الخطايا هنا هي : التي لم تقع فيها بعد , و بالَغَ _ صلّى الله عليه و سلّم _ في المباعدة بينه و بين الخطايا, فقال:
((كما باعدْتَ بين المشرق و المغرب))!
اللهم نقِّنِي من خطاياي كما يُنقّى الثوب الأبيض من الدَّنَس:
يقول الشيخ ابن عثيمين : وهذه العبارة أشدّ من الأولى!
فالخطايا هنا هي:
الخطايا التي أصبتها, ووقعت فيها, وذكر الثوب الأبيض بخلاف غيره من الألوان لأن أيّ دنس يصيبه يظهر عليه بسرعة.
اللهم اغسلني من خطاياي بالماء و الثلج والبرد :
وهذه العبارة زيادة على التنقية أكثر!
الماء منظّف,,,,و الثلج و البرَد مُبرّد , فجمع بين التّنظيف و البرودة !
وقد يقول قائل : أما كان يكفي الماء لوحده ؟! فلماذا الثلج والبرد؟!
قال أهل العلم:الخطيئة عند المؤمن تسبّب له النّدم , و النّدم يولّد حرارة في الصّدر, فإذا غسلت بالماء بقي أثر النّدم ( الحرارة) في الصدر, تغسل بالثلج فتذهب حرارة الخطيئة نفسها, ويأتي البَرَد زيادة على ذلك ليُطفئ حرارة الأسى فتُمحى الخطيئة بالكامل!
ومن فوائد هذا الدّعاء :يعطيك معدّلا ثابتا للتوبة و غسل الذنوب كلّ يوم خمس مرّات في صلاتك لتجديد التوبة.
و ذكر أهل العلم أن هذا الدعاء يقال في الصلوات المفروضة
لأن الذي رواه أبو هريرة , و لمّا كان أبو هريرة يخالط النبيّ_ صلّى الله عليه وسلّم_ في المسجد دلّ على أنّه __ صلّى الله عليه وسلّم_ كان يقوله في صلاة الفرض .
بخلاف دعاء الاستفتاح الثاني الذي يقال في النوافل :
((سبحانك اللهم و بحمدك , و تبارك اسمك , و تعالى جَدُّك , و لا إله غيرك)).
و لمّا كانت أم المؤمنين عائشة _ رضي الله عنها _ هي التي روته , وهي أعلم بشؤون المنزل, دلّ على أنّه __ صلّى الله عليه وسلّم_ كان يقوله في النوافل , لأنّه كان يصلّي النوافل في المنزل.
سبحانك اللهم و بحمدك:
التسبيح: تنزيه الله عما لا يليق به.
و التحميد : إثبات كمال الأوصاف و الأفعال لله.
يقول ابن القيّم: و إذا قال العبد هذا الدّعاء شاهد بقلبه ربّا منزّها عن كلّ عيب,سالماً من كلّ نقص , محموداً من كلّ حمد!
و تبارك اسمك:
قال ابن القيّم: تبارك اسمه , فلا يُذكر على القليل إلا كثّره,
و لا على خير إلاّ أنماه,
و لا على آفة إلاّ أذهبها ,
و لا على شيطان إلاّ ردّه خاسرا خائبا....
و تعالى جَدُّك: جدّك ,أيْ عظَمَتُك.
وبعد ذلك كلّه :
و لا إله غيرك: فوحدانيّة الرّبوبية تقتضي و حدانيّة الألُوهيّة.
و لا إله إلاّ الله تعني : لا معبود حقٌّ إلا الله..
و في هذا إثبات العظمة و الكبرياء لله, و بالتالي نزع الكبر من العبد ,وبذلك تزول الغشاوة عن قلبه التي كانت تمنعه من التفكر في الآيات.....
قال _ تعالى_ : ((سأصرف عن آياتي الذين يتكبرّون في الأرض بغير الحقّ...))
ممّا سمعت من البرنامج الرّائع : (كيف تتلذّذ بصلاتك؟) للشيخ : مشاري الخرّاز.