صــرخــــــــــــاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااات
نساءٌ لم يُفلح الليل الطويل في الإنصات لشكواهن..
عودوا أيها المغتربون!
الغربة ليست رقماً سرياً لخزنة الغنى..
والبعد ليس مفتاحاً لصندوق الثراء
إنها الكلمة التي تكرهها النساء كثيراً
ويجدها الرجال قراراً اثيراً لضمان التوازن بين كفتي الفقر والغنى.
الغربة التي حوّلت أكواخ البعض بروجاً مشيدة
لكنها أيضاً شيدت لقلوبهم أقفاصاً حاكها الهجر واللوعة والأسى خيطاً خيطاً في ليالٍ لم يكن لأصحابها سمير إلا السهد..
الغربة هي الوجه الآخر للهروب
والفرق يكمن فقط في أن الأولى لها أوراقها التي تدين أصحابها بينما الأخير لاعنوان له ولاقبلة..
نعم يهرب الرجال من إلحاح الفقر قريباً إلى جوادهم.. ينأون عنه وهو لصيق بالبشر.. يخافونه فيهربون منه فلا يلبثوا أن يجدوه أمامهم.
في انتظار البشر يقف الفقر على محطة الحياة ومهما بدا لهم أن قد جاوروا الغنى فإنه متربص خبيث يفتك بقاصيهم ودانيهم.. ثم لايدين ولايدان..
الرجال الذين يهاجرون أوطانهم بحثاً عن المال وطلباً لسعة الحال قد يعودون وقد فات الأوان ليسعدوا بالمال الذي جمعوه.. ..
وترحل أمهات إلى سماء الله.. ويتعثر آباء بأسوأ أنواع المرض.. وتفتقد أخوات للأمان.. ويكبر أطفال وهم لايعرفون عن بابا إلا أنه بنكهم الغائب.
لا يعرفون عن مصدره إلا أنه صرّاف آلي
ولا عن حياته إلا أنها أوراق مالية تكفيهم مسألة الناس وتكفيه مسألة الرعاية ومسؤوليتها..
الغربة ليست الكلمة السحرية التي يتحول التراب تبراً بين أجراس أحرفها المخيفة
بل هي الخوف بعينه حتى تتحول مواطن الغربة إلى مهاجر..
ومن مهجر إلى مهجر يفقد المرء الكثير من قيمه وينسى الكثير عن نفسه
وربما ينسى أولئك الذين تمسكوا سنين طويلة بقضبان الصبر وهم ينتظرون عودته إليهم.
قوافل المغتربين لا تأتي محملة بالماس والعقيق والزمرد
بل قد لايعود أحدهم بعد سنوات إلا بثوب يواري سوأته!..
إنهم يغتربون ليستطيعوا توفير ضروريات الحياة من مسكنٍ وطعام ومشرب..
سكن لايعدو عن كونه جدراناً تقيهم حر الشمس وزخات المطر..
وملبس لايرقعه الذل..
وطعام من أوسط مايطعم شعباً بأكمله أساسه الخبز وجل مايؤدم عليه مرق الطيور.. نعم طيور بلا أجنحة يقال: إنها تبيض.. والله بقولهم أعلم.
يغتربون عن نساء تمر أجمل سنوات أعمارهن وهنّ يضاجعن الأمنيات
حتى إذا أصبحت إحداهن حُبلى بالخيانة ولو خلسة في نظرة عين كان مآلها الموت كمداً بين فكي الطلاق..
نساء يتربصن بأنفسهن أعواماً طوالاً
ينتظرن رجالاً يأكلون ويشربون ويتزوجون هناك..
فلا وجدت نساؤنا رجالاً ولا وجد أطفالهن مالاً..
الرجال يعفّون أنفسهم هناك والنساءُ عفت فروجهن بالقناعة!
وسُورت قلوبهن بالرضاء..
واكتفين بالقليل من كلمات الإثارة عبر الهاتف..
كلمات يطلبنها بإلحاح وهن يعلمن يقيناً أنها لاتُبقي ولاتذر!!
سرابٌ يغسلن على ضفته يقيناً بوهم.. حقيقة بكذب.. واقعاً عريضاً بخيالٍ ضيق..
كلمات ترحلُ أدراجها
يقع بعدها الرجال على مابين أيديهم وماخلفهم وتقعُ النساء على إثرهن مريضاتٍ بالرغبة دون أن يعلمن..
كلمات لو وضعت على سطور الحياة ما وزنت شيئاً ولاوجدنا لها مكاناً من الإعراب.. لاتصريف لها أبداً.. أبداً..
وماذا بعد عن الغُربة التي غيّرت معالم الوطن إلى الأفضل
لكنها أيضاً قادت نساءهُ إلى الهاوية رغماً عنهن..
لستُ بصدد الخيانة، إذ ليست الخيانة وحدها هاوية.. الفراغُ هاوية.. عدم القدرة على التربية هاوية.. الحاجة إلى رجل غائب هاوية..
طمع المحيط بنساء لديهن المال والجمال ورغبات نائمة يتحسسها هذا المحيط بأكثر من طريقها ويبذل الكثير ليصل إليها..
وأنا لا أكتب إلا وقد سمعت كثيراً كثيراً..
وجلستُ إلى نساء يُفضلن جوع بطونهن على جوع(....) لأن البطون ربما أشبعتها لقيمات جافه وشربة مُاء
غير أن القلوب الجائعة وتحديداً تلك التي لم يملأها حب الله قد لاتكفيها كافية!
لا أعتقد أنه من العيب أن يبحث المرء عن من يملأ زواياه بينما يرقدُ هو على فراش من الثلج..
الفقرُ كُفر..
نعم والفقرُ مصيبة..
والفقر جائحة..
لكنه ليس عيباً نخشاه..
وليس ذنباً نقترفه
وليس تُهمة نخشى إلتصاقها بنا..
إنهُ القدر الذي كُتب قبل أن نكون وهو الحبل الذي يبقيك على صلةٍ دائمةٍ برب المال كُله!! الفقر ليس خطأً يحتاجُ للتصحيح خاصةً حين تكون أجسادنا هي أقلامٌ حمراء وهو ليس ورقة بيضاء تطوينا ككلماتٍ ضائعة في كتاب الحياة وبقدر ما هو خبيث بقدر ما آتانا الله من سُبل ومهن وطرق للتغلب عليه..
في الوطن مشاريع وحرف بحاجة فقط للتفنن في إظهارها بشكلٍ جميل وبعدها سيكون للفقر سوقُ يبيعُ الفاقة والحاجة والذُل بأزهد ثمن..
لكن أن يرحل الرجال أعواماً تأتي من بعدها أعوام فقط ليحصل أكثرهم على تأشيرة (مُهاجر) فهذا يهدم بيوتاً كان قد بناها الحب والصبر وطول الأمل..
أيها المغتربون خارج أسوار الوطن وداخله..
في اليمن نساءٌ لم يُفلح الليل الطويل في الإنصات لشكواهن..
وفشل النهارُ فشلاً ذريعاً في تعليمهن فن النسيان..
نساء لا تحمل شرفاتهن أصيصات الأزهار وليس لهن حدائق يأخذ فننها بلُبِّ الأبصار.. وماتعلّمن في بيوت آبائهن الخيانة..
ولا درسن في أحضان أمهاتهن أصول الغوايه..
في اليمن نساءٌ يأكلهن المجتمع ويتحرش بهن العطشى للرذيلة..
وهناك أطفال مخبأوون تحت أثداء أمهاتهم..
لأن على الأرصفة حمقى لايخافون إغضاب الرب..
شباب لم يفهموا معنى الأبوة..
وشابات يرين نجوم السماء أقرب من حنان أبٍ تبثُ على صدره همها.
وهناك آباءٌ وأمهات لو أن لهم علماً بما ستفعله الغربة بهم ماباعوا لأجلكم الغالي والنفيس..
كم ثمنُ ملء العين من حبيبها؟!
كم ثمن ملء القلب طمأنينه..
كم يُساوي حضن أب وقُبلةُ أم؟!
أموالكم رخيصة أم ماتركتم من ثمينٍ لا يقدرُ بثمن..
سياراتكم الفارهة قد لا تكون إلا جنائز تحملكم إلى مثواكم الأخير..
ومنازلكم الجميلة قد لايسكنها بعدكم أحد..
وأموالكم التي اقترفتها أيديكم لاتُعيدُ أماً من قبرها أو أباً من سكرة موت..
الأطفال يكبرون والنساء تتهدلُ أجفانهن وتصبح أجسادهن ضامرة كأروقة الذاكره..
يرحل كل شيء وأنتم لاتشهدون انطفاءهُ بين أيديكم..
عودوا مراراً وامسحو ا قلوب نسائكم حتى لا يذبلن كأوراق الخريف
فليست الحقول وحدها من تشتهي المطر،
الرجال سحبٌ لابد أن تمطر،
عودوا لتزهر وجنات النبات..
ويبسمُ الأولاد..
عودوا لتحصدوا مازرعتم ولا تتركوا سنابلكم أمانة بين يدي خيال لم تعد تخشاه الطيور! عودوا لتلعقوا ومن تحبون شهد الجهد والتعب ولاتطعموه بمفردكم فيبقى الداء ولايأتي الدواء..
الغربة غِـربانٌ تشكوها النساء تنقم رأس سنبلة العمر..
أولا تتمنوا أن تعودوا صقوراً بأجنحة من الأمان..
إذاً عودوا لتعود الطيور آمنة إلى أعشاشها..
ولا تبقوا أبناءً للسبيل لأن لكم وطناً لايبيعُ أبناءهُ أبداً.
.................................
بقلم ألطاف الأهدل
.................................