ضغوط على القرني والسعيدة من قبل مراكز نفوذ في تهامة تدعوا لإيقاف مسلسل (همي همك) سطوة مشايخ النفوذ في تهامة ارث الديكتاتوريات البائدة للدولة الرخوة
ضغوط على القرني والسعيدة من قبل مراكز نفوذ في تهامة تدعوا لإيقاف مسلسل (همي همك)
16/8/2010 - الصحوة نت – الحديدة – عبدالحفيظ الحطامي
طفلا الشيخ قاما بتوجيه اللطم للطفلين المخطوفين، كل ذلك بسبب أن احد
الطفلين المخطوفين رفضا الاعتراف بسطوة الشيخ وقال له لست شيخي ولا اعترف
بك ، الأمر الذي أدى إلى خطفه مع طفل قريب له من قبل الشيخ.
وحين اعترض احد المواطنين وهو ناشط حقوقي في المديرية قامت عصابة مسلحة
تتبع الشيخ وتقطعت للزميل محمد حشيبري وضربته عبر مرافقيه على حين غرة ولا
يزال يرقد في المستشفى بمدينة الحديدة .. هذه قصة واقعية تناولتها الصحافة
الأسبوع الماضي، وهي تحكي مسلسل دائم في السهل التهامي.
هذه الحادثة جاءت بعد عملية إخراج مسلسل "همي همك " الذي تعرضه هذه الأيام
قناة السعيدة ويمثل الفنان القدير فهد القرني بطولة هذا المسلسل الذي يحكي
في إحدى مقاطعه عن سطوة الشيخ "طفاح" الذي أذل سكان قريته ومنه عائلة شوتر
وزوجته زنبقة وولده جعفر، فالطفل الذي يرفض ويعترض تعسفات الشيخ وأبنائه
ويتمكن من لطم ابن الشيخ دفاعا عن نفسه إلا أن الشيخ قام بمداهمة منزل
عائلة "شوتر" وهدد بتهجيره من القرية ما لم يقوم ابن الشيخ بلطم جعفر ابن
المواطن شوتر وهذا ما حدث ولأن فتيني خال جعفر كان من ضمن المواطنين
الأحرار المعترضين على أساليب الشيخ القمعية، فإنه تلقى ضربة غادرة وهو في
الطريق إلى منزله، ويصر فتيني أن هناك دوله وأنه سيذهب إلى الجهات الأمنية
حيث وان هناك دولة.
هكذا يحكي المسلسل همي همك حتى ساعة هذه القراءة التحليلية .. وما بث من
هذا المسلسل مقاربة فنية واقعية اقتربت من هموم السكان في تهامة وتمكنت من
تناول قضية هامة ومؤرقة لأبناء تهامة..فالمواطنين باتصالاتهم ورسائل الجوال
وأحاديثهم اليومية يتحدثون عن مسلسل همي همك باعتباره المسلسل اليمني
الأول الذي يعرض على قناة السعيد هذه الأيام، والذي تناول قضية مراكز
النفوذ في تهامة بكل هذه الجرأة والشجاعة، وانعكس هذا الحضور للمسلسل في
الوعي الشعبي وغدا حديث الناس في محافظة الحديدة في المقائل والأسمار،
لكونه أول دراما يمنية جسدت أشواق وأوجاع سكان السهل التهامي واقعا حقيقيا،
بل يكاد يتطابق مع صور الانتهاكات التي تتناسل بشكل مخيف في السهل
التهامي، حيث انتهاكات صارخة يكتوي بنارها السكان في ظل صمت وتواطؤ كل
الجهات المعنية بتحقيق المواطنة المتساوية بين المواطنين.
فسطوة الشيخ الاستبدادية والعدوانية تجاه المواطنين إرث يمتد إلى عهود
الإمامة وسطوة الديكتاتوريات البائدة، ومن المؤسف أن هؤلاء اجتروا معهم نفس
سلوكيات وممارسات عهود الظلم والكهنوت والظلم الذي لا يزال يعرش في السهل
التهامي بل غدا يقيم إقامة دائمة، بكل مساوئه وإفرازاته الاجتماعية المغيبة
لخصائص المواطنة والعدالة، دون التفاتة من قادة الرأي والوعي والنخب
المثقفة ونخب دعاة الحق والحقوق والحريات التي لا يتجاوز نشاطها عواصم
المحافظات في الجمهورية، غير ملتفتة إلى ما يحدث من ممارسات عنيفة ومنتهكة
لأبسط مقومات الحياة السوية سوى ما تتناوله الصحافة وبشكل يسير ومن خلال
بعض المواطنين الذين وصل لهم الوعي أو تمكنوا من الفرار من قبضة الشيخ ،
حيث تشكلت علاقة الشيخ بالمواطن في تهامة على أساس غير سوي على خلفية إرث
اجتماعي يجر معه عهود الظلم والفقر والجهل والمرض، علاقة موسومة دوما
بجدلية السيد والعبد.
الشيخ النافذ الكبير المسؤول الذي يمثل هيبة الدولة والرئيس وكل أجهزة
السلطة ، والمواطن ذلك العبد الفقير البائس ، علاقة الشيخ الذي ارتبط
بالدولة والجمهورية والديمقراطية والحرية ، فإذا قدر لأحدكم أن يزور بعض
مديريات تهامة في بيت الفقيه والدريهمي والسخنة والزهرة واللحية والقطيع
والضحي ووو من مديرات مراكز النفوذ المشائخي وسألت أي مواطن مثلا من
ستنتخب؟ سيقول لك بداهة أمشيح فيشي غيره؟ وحين ذهبت إلى بعض المديريات في
مهام صحفية كان الجميع يدلني على الشيخ ؟ بل وحين سألت احدهم في قضايا
استطلاع رأي عام ؟ فكان يرد البعض عليك أن تستأذن امشيخ؟.
ضغوط على السعيدة والقرني
حديث واتصالات ومكالمات هاتفية وضغوط على قناة السعيدة من قبل مراكز نفوذ
بإيقاف أهم وأكبر مسلسل في الدراما اليمينية تعرض لهذا العام وربما على
مستوى فني ومهني وتقني واقعي يعالج مشكلة سكان السهل التهامي بشكل تفصيلي
ولامس أوجاعهم وعكس وجها حقيقيا يقطر ألما وبؤسا وسوداوية ظل بعيدا عن
العدالة والقضاء والسلطات المعنية .. وحده المواطن الذي يتجرع مرارات مراكز
النفوذ هذه، وخاصة في ريف تهامة ، الريف المغيب عن الإعلام والمنظمات
الحقوقية وحتى الحياة السياسية والحزبية حيث لاحزب سوى حزب واحد هو الشيخ
والذي هو الدولة وامرئيس والقضاء والأمن والسجن والسجان.
وفي اعتقادي أن الفن والمسرح هذه رسالته الإنسانية والترفيهية والتوعوية
والحقوقية ، وإلا ما قيمة الفنان إن لم تكن هذه رسالته؟ .. ما قيمة فن ليس
له من هدف سوى المواضيع التافهة البعيدة عن واقع المشاهد وظروفه وأوجاعه؟..
الفن رسالة يهدف لمحاكاة الواقع بشكل درامي ناقد، يعالج أخطاء ويتلمس
قضايا الناس.
اتصالات وضغوط يقوم بها عدد من مراكز النفوذ في تهامة هذه الأيام وخاصة بعض
المشائخ المتهمين بقضايا انتهاكات تجاه المواطنين العزل في مديرياتهم
ودوائرهم الانتخابية لإيقاف مسلسل همي همك الذي يعرض على قناة السعيدة مساء
كل يوم ، حيث عالج هذا المسلسل وبشكل موضوعي ومهني قضايا الانتهاكات التي
يتعرض لها السكان في السهل التهامي بمحافظة الحديدة ، وجسد وبشكل واقعي
وقريب الصورة اليومية التي يعانيها السكان من مشائخ النفوذ.
وما عرض على شاشة تلفزيون السعيدة دفعت بالعديد من المشائخ ومقربيهم وحتى
بعض المواطنين في القرى والعزل والمديريات التي يسكنونها، يسقطون مسلسل همي
همك على شيخهم ويقصدون هذا الشيخ أو ذاك، ولأن صور معاناة السكان في تهامة
على يد مراكز النفوذ والمشايخ الذين يعتبرون أنفسهم هم الدولة والسلطة
الأمن والجيش وملاك الضمان والسجانين والقضاة والقادرين على توظيف هذا ومنع
الوظيفة عن ذاك، مستغلين ارتفاع نسبة الأمية والجهل والفقر الذي يحاصر
السكان ولا يستفيد منه سوى هؤلاء المشايخ، الذين تتغاضى الجهات المعنية
عنهم .. وهنا أدعوا إلى أن يقف الجميع إلى جوار الفنان فهد القرني وكافة
زملائه الذين أبدعوا في إنتاج هذا المسلسل، كما أدعوا إلى التضامن مع قناة
السعيدة التي تمكنت من عرض هذا المسلسل وبشكل جريء ليعالج قضية أرقت سكان
تهامة حيث وبحسب مصادر إعلامية في القناة أن ثمة ضغوط تطالبها بإيقاف بث
بقية مسلسل همي همك.
امشيخ هو الدولة !!في استطلاعات صحفية للصحوة زرت فيها عدد من مديريات محافظة الحديدة التقيت
فيها عدد من شرائح الناس أميين ومتعلمين، سألتهم عن أسباب اتساع مراكز
النفوذ وتمدد دوائر المتنفذين؟ ولماذا يغدو الشيخ القبلي في تهامة هو كل
شيء وبالذات في المناطق الريفية ؟ ، ولماذا يقومون بهكذا أفعال مشينة
ومهينة ومذلة لحياة المواطنين ؟ ، وخلصت معظم هذه الآراء إلى القول بأن
الدولة هي التي تدعم المتنفذين وهي التي منحتهم الرتب والرواتب وعشرات
المرافقين إضافة إلى ذلك سلمتهم قيادة فروع الحزب الحاكم والدوائر النيابية
لأبنائهم وأقاربهم .. هذه العوامل كلها عززت من بقاء مراكز النفوذ التي
بقيت بعيدا عن مجرد المساءلة .. تقف إدارات المديريات والأمن والمحاكم
والنيابات فيها متفرجة وعاجزة عن القيام بدورها في تحقيق العدالة والضبط
وتطبيق القانون وإنصاف المظلومين فقط لأن الشيخ يمارس غطرسته على الجميع
مستغلا حاجة السلطة الحاكمة له، هذا التحالف الرسمي مع مراكز النفوذ شكل
عاملا رئيسيا في شيوع وتناسخ مراكز النفوذ الذين يتبادلون المنافع مع
الدولة وأجهزتها ، ويمكن هؤلاء للسلطة أن تحصد الدوائر الانتخابية لصالحها
وعلى حساب حقوق المواطنين البسطاء في الريف، حيث تنعدم الخدمات العامة
وتعرش الأوبئة ويستفحل الفقر وتزداد الهجرة من الريف إلى المدينة ويتحول
الكثير من المزارعين الذين فقدوا مزارعهم جراء غلاء الديزل، الأمر الذي
دفعهم لبيعها للمشايخ ومراكز نفوذ من خارج المحافظة.
فالشيخ هو الحاكم وهو القاضي وهو السجان والجلاد هو من يمنح الضمان
الاجتماعي ويمنعه عمن يشاء، ويتخذ الشيخ القبلي أتباع يشيعون بين المواطنين
ـ مستغلين الأمية والفاقة ـ أن الشيخ هو الرئيس وهو المؤتمر وهو الدولة
فإلى من يشتكي المواطنين؟ عندما يجد الدولة برمتها تتمثل في سجن هذا الشيخ،
فأي دولة هذه التي سيذهب إليها المواطنين بشكواهم ؟ والى أين يفرون ؟ مما
يضطرهم إلى ابتلاع المرارات الغاصة بالقهر والحرمان.
اتساع دوائر النافذين ، وتزايد أعمالهم القمعية المتمثلة في السجون الخاصة
التي يكون ضحيتها المواطنين المسحوقين والمصادرة حقوقهم الخاصة والعامة،
هذا الواقع المغيب لخصائص الآدمية لأبناء تهامة ،هو نتيجة طبيعية لتزايد
وشيوع الدولة الرخوة التي عجزت عن تطبيق النظام والقانون وساهمت في
تجميدهما ، حتى فقدت سيطرتها على مقاليد الأمور ، ليكتشف المواطن أي دولة
هذه التي حولت حياته بيد شخص يتحكم بأنفاسه، فاهتزت ثقته بها ، واكتشف
للأسف أن سكوت الدولة الرخوة عن مراكز النفوذ وغض الطرف عن تصرفاتها
الرعناء، بل وتحالفت معهم وخاصة مع اقتراب أي استحقاقات انتخابية ضد
المواطنين العزل والقوى الحزبية والمدنية، حيث يعمد موظفو الحزب الحاكم
والمسؤولين في الدولة إلى دعم هؤلاء المتنفذين لقدرتهم المباشرة في التأثير
على أراء وحريات وحقوق المواطنين وخاصة في الريف اليمني قاطبة، الذي تغيب
عنه وسائل التوعية والتثقيف القانوني والحقوقي ، وتقل عملية الرقابة على
ممارسة هؤلاء المتنفذين في الأرياف بسبب انحصار المؤسسات المدنية والحقوقية
في رقابتها على المدن ولا علم لها ما يطال المواطن من انتهاكات صارخة
لحقوقه الخاصة.
غياب هيبة الدولة عزز شيوع مراكز النفوذالأستاذ إبراهيم علان ـ ما جستير إعلام ـ يرى أنه بعد إعلان التعددية
السياسية وانتهاج النظام ديمقراطي كان من المفترض أن مراكز النفوذ
التقليدية التي تشكلت بفعل عهود الاستبداد تلاشت وانتهى حضورها المنافي
للقيم الإسلامية ومبادئ الثورة والجمهورية ومنظومة الديمقراطية ، على
اعتبار أن المرحلة الجديدة تتطلب احترام القوانين وفرضها على الصغير
والكبير والمسؤول والمواطن حتى تترسخ دولة النظام والقانون الذي يتغنوا بها
اليوم وهي بمعزل عن ذلك وخاصة في الريف حيث لا قانون ولا دولة سوى المتنفذ
والمتنفذون الذين يحضون بدعم الدولة بفعل الاستقطاب السياسي وبلورتها ضمن
هيكلة الحزب الحاكم ومنحها امتيازات ورتب ورواتب ومرافقين ـ للأسف.
ويضيف: هذا المسلك المنافي للنظام والقانون كان على حساب الديمقراطية
والحرية الذين انسلوا من عباءتها، فبعد أن كانت مراكز النفوذ معزولة أصبحت
اليوم مدعومة بهيبة الدولة، وبدلا أن يلمس المواطن دولة تنصفه وتعيد له حقه
وتمنحه حريته وحقوقه وكرامته بقوة القانون والدستور، وجد المتنفذون قوة
جديدة تدعمهم وتمنحهم شرعية البقاء ليتحول هؤلاء إلى مسئولين في الجيش
ونواب ومشايخ، ويضيف ـ علان ـ هذه الظروف ساهمت بشكل مباشر في توالد مراكز
نفوذ جديدة تعمق من حالة قمع المواطن وقهره وسلبه حقوقه باسم الدولة
والديمقراطية، إضافة إلى أن مراكز النفوذ هذه لا تخضع للقانون.
طارق سرور الناشط الحقوقي ومنسق فريق هود بمحافظة الحديدة ، يرى أن وجود
شرطة قضائية تتبع السلطة القضائية مباشرة تتلقى توجيهات منها يجعل دور
القضاء ضعيف عند مواجهة شخصيات متنفذة، بالإضافة إلى غياب تطبيق القانون
بسبب التهاون من قبل قيادات الضبط القضائي، حيث يصل الأمر أحيانا إلى خضوع
بعض الأجهزة التنفيذية لرغبات ومطالب بعض الشخصيات المتنفذة، مما يجعل
المواطن لا يجرؤ على مواجهة مثل هذه الشخصيات المتنفذة ، أو حتى مجرد
التقدم بشكوى ضدها.
الباحث والكاتب محمد تشلان يرى أن النفوذ في تهامة ينحصر في مشايخ القبائل
وأهم مظاهره التأثير على السلطة المحلية فيما يتصل بالقضايا المتعلقة
بالخدمات وتوزيعها وكذا القضايا الجنائية والقضائية ونحوها ، وغالبا ما
يكون النفوذ ذا تأثير سلبي على السلطة المحلية وعلى حياة الناس التي تصبح
مرهونة بطبيعة العلاقة بين أهل النفوذ والجهات الرسمية المختلفة ، واستفحال
ظاهرة النفوذ ، لها أسباب عده تختلف في نسبة قوتها لكن تتضافر جميعا لتدفع
بهذه الظاهرة نحو التمدد والبقاء ، منها موروثات العهد ألإمامي وضعف
المواطن الناتج عن الجهل بالحقوق والواجبات ، وخوفه من استعباد المتنفذين ،
كذلك غياب هيبة الدولة وضعف سلطتها أمام سلطة المشايخ والمنفذين ودعم
الدولة لهم بعدما أثبتوا قدرتهم على تجميع الناس حول مرشحيها في أي
انتخابات مما ولد قناعة لدى السلطة بأن أقصر الطرق إلى الفوز بانتخابات هم
المتنفذين وما يلاحظ من سلوكيات مجافية للنظام.